المفردات: الوهن: الضعف، والجنين ضعيف لا يدفع عن نفسه ضراً ولا يجلب لها نفعاً والرحم الحامل له ضعيف لا يستطيع حماية نفسه، والأم الحامل في ضعف مستمر حتى تضعه، الفصال: الفطام، أناب إلى الله: وثق به واتكل عليه وفوض أمره إليه، صعرّ خده: أماله عن الناس استكباراً، والمرح: الفخر والخيلاء، القصد: الإعتدال بين الإفراط والتفريط. غض من صوته: خفضه تأدباً.
تلخيص المعاني: في هذه الآيات الكريمة تركيز عجيب لدستور كامل في أصول التربية والتعليم، يذكر الله تبارك وتعالى معظمه عن لسان معلم صالح أتاه الحكمة فعمل بها ومن العسير استيفاء البحث في مضمونها هذا الدستور الجامع المانع، لذلك نكتفي بالإشارة إلي أصوله الكبرى.
الموضوع هنا يمكن اعتباره قسمين يؤلفان وحدة متكاملة، أما أحدهما فخاص بالفرد من حيث هو كائن بشري لابد له من التوجيه إلى المباديء الأساسية التي تنظم كيانه الشخصي. وأما الثاني فيتناول تنظيم العلاقة بين هذا الفرد السوي ومجتمعه البشري.
يبدأ القسم الأول من الوصية الحكيمة بالتحذير من الشرك، لأن التوحيد هو المرتكز الأساسي الذي ينهض عليه البناء السليم للفرد والجماعة، وليس الشرك إلا عارضاً من الخارج، والحكمة تقتضي تحصين الفطرة من ذلك الواغل الوبيل، الذي لا ظلم أظلم منه للنفس وللحق.
وكأن لقمان قد سكت عن ذكر الوصية بالوالدين لأنها تتعلق بحقه على ولده، فآثر عليه حق الله وحق الآخرين، ولأن التزامهما مؤد في الواقع إلى توكيد شأن الوالدين باعتبارهما الأولى بكل برّ بعد الله، ولكن الله جل شأنه لم يشأ أن يدع الأمر للاستنتاج، فاستدرك على لقمان بتوكيد هذا الحق مباشرة بعد حقه، كما عودنا سبحانه من الربط بين حقه وحق الوالدين في آيات أخر، ثم قيد ذلك بحدود طاعته، فللوالدين على الولد حق البر وخفض الجناح، ولكن ليس لهما أن يفرضا عليه متابعتهما على المعصية..