وهى الوحيدة من بين أزواجه الطاهرات التي كانت بكراً. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قضى على نظام التبني بزواجه السيدة زينب بنت جحش، فيمكننا القول أنه صلى الله عليه وسلم قد قضى على نظام آخر بهذا الزواج وهو نظام التآخي الجاهلي إذ كانت العادة قد جرت عند بعض العرب أن يؤاخى بعضهم بعضاًَ وكانت هذه المؤاخاة تتساوى مع الأخوة الحقيقية القائمة على صلة الدم، وكانوا يحرمون على أنفسهم الزواج بابنة أخيهم المزعوم.
فقضى النبي صلى الله عليه وسلم على هذه العادة الجاهلية بزواجه بالسيدة عائشة رضي الله عنها وكان عمرها تسع سنوات وقت الزواج وبقيت على قيد الحياة ثمانيا وأربعين سنة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولعل هذا هو السر وراء هذا الزواج. وظلت تنشر الدين وتبلغه إلى النساء والرجال.
ونرى أثر ذلك حتى اليوم كلما ذهبنا إلى الروضة في المسجد النبوي الشريف فنجد هناك عموداًَ (قائماً) يسمى (اسطوانة عائشة) .وكان الصحابة يجلسون بقرب هذه الاسطوانة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ويستفتونها في الأمور الدينية وكانت السيدة عائشة تفتي وتدرس وتبلغ وهي جالسة في حجرتها التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا استشكل أبوها سيدنا أبو بكر وغيره من الصحابة الكبار مثل سيدنا عمر الفاروق وسيدنا عثمان بن عفان في أي أمر هام رجعوا إلى السيدة عائشة لحل تلك المشكلة.
وقد ذكر العلماء المؤرخون أنه قد انتقل ربع الأحكام الشرعية إلى الأمة المسلمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال توجيهات السيدة عائشة وجهودها التي استمرت ٤٨ سنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وظلت تسكن نفس الحجرة التي دفن فيها الرسول إلى أن توفي سيدنا عمر ودفن بجوار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتقلت من تلك الحجرة قائلة:"إنني أستحي الآن أن أبقى هنا ".