ونلاحظ أن مقدمات الرسائل تختلف من حيث الطول والقصر طبقاً للمناسبة التي ترد فيها، فالقاضي الفاضل يطيل الدعاء في رسالته الأولى بينما لا يذكره في الثانية، وفي الثالثة يأتي به كلمات مقتضبة.
والرسائل الثلاث تكمل بعضها حتى تكاد تكون رسالة واحدة ذات هدف واحد، وتتسم رسائل التهنئة في عهد الملك العزيز بقوة العبارة، واستخدام المحسنات البديعية، وعلى قمتها الجناس والاستعارة والسجع، كما أن الألفاظ منتقاة، فيها جزالة وفخامة تناسب موقف النصر وجو المعارك الحربية، وهى لا تختلف عن الرسائل التي كتبت للتهنئة في عهد السلطان صلاح الدين، فالكاتب واحد والأسلوب لم يتغير.
كتاب المعظم توران شاه إلى جمال الدين يغمور نائب الشام بعد هزيمة الفرنج لدى المنصور سنة ٦٨٤ هـ: ١٢٥١ م:
جاء في هذا الكتاب:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}[٩]{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[١٠] . {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ, بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}[١١] . {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}[١٢] . {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}[١٣] .
نبشر المجلس السامي الجمالي، بل نبشر الإسلام كافة، بما من الله به على المسلمين، من الظفر بعدو الدين، فإنه كان قد استفحل أمره، واستحكم شره، ويئس العباد من البلاد، والأهل والأولاد، فنودوا:{لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[١٤] .
ولما كان يوم الأربعاء مستهل السنة المباركة، تم الله على الإسلام بركتها، فتحنا الخزائن وبذلنا الأموال، وفرقنا السلاح، وجمعنا العربان والمطوعة، واجتمع خلق لا يحصيهم إلا الله تعالى، فجاءوا من كل فج عميق، ومن كل مكان بعيد سحيق.