ولما رأى العدو ذلك أرسل يطلب الصلح على ما وقع عليه الإتفاق بينهم وبين الملك العادل أبى بكرة، فأبينا، ولما كان في الليل تركوا خيامهم وأثقالهم وأموالهم، وقصدوا دمياط هاربين، فسرنا في آثارهم طالبين، ومازال السيف يعمل فيهم عامة الليل، ويدخل فيهم الخزي والعار.
فلما أصبحنا نهار الأربعاء قتلنا منهم ثلاثين ألفاً، غير من ألقى نفسه في اللجج. وأما الأسرى فحدث عن البحر ولا حرج، والتجأ الفرنسيس إلى المنية، وطلب الأمان فأمناه، وأخذناه، وأكرمناه، وتسلمنا دمياط بعونه وقوته وجلاله وعظمته [١٥] .
هذا الكتاب هو آخر كتب التهنئة التي بين أيدينا عن العصر الأيوبي، والظاهر أنه كتب بقلم الملك المعظم، ولم يلتزم فيه السجع ولا المحسنات البديعية، ولكنه اقتبس من القرآن الكريم في افتتاح كتابه، حيث ذكر خمس آيات متتاليات، وكذلك ذكر آية سادسة في ثنايا كتابه، وتمتاز هذه الرسالة بأنها تسرد الوقائع في أسلوب تاريخي، الغرض الأول منه هو إثبات الحقائق في سهولة ويسر.
كتب الاستغاثة:
كتب السلطان صلاح الدين إلى الخليفة الموحدي بالمغرب:
أرسل السلطان صلاح الدين إلى المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، الخليفة الموحدي بالمغرب، ثلاث رسائل المقصود منها جميعها، استنجاد صلاح الدين بجيوش الخليفة في الحرب ضد الصليبيين، وفي أثناء قتاله معهم حول عكا.
اثنتان من هذه الرسائل بقلم القاضي الفاضل، الأولى منها سنة ست وثمانين وخمسمائةْ (١١٩١ م) ، ثم أرسل الرسالة الثالثة في نفس السنة، ولكن هذه المرة لم تكن برأي القاضي الفاضل مما جعله يحرر رسالة إلى السلطان صلاح الدين بشأنها، ويبين ما لا يرتضيه فيها.
ويعقب هذه الرسائل رسالة بقلم القاضي الفاضل، مرسلة من السلطان صلاح الدين إلى شمس الدولة بن منقذ، سفيره إلى الخليفة الموحدي بالمغرب ينهى إليه أخبار القتال حول عكا.