وأَمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، حملت به في شعب أبى طالب وولد في مكة بدار تعرف بدار ابن يوسف في شعب بنى هاشم المعروف بوضعه حتى اليوم. ولا يخفى على أحد يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول بعد أن حملته تسعة أشهر وذلك عام الفيل بعد قدوم الفيل بخمسين يوماً على الصحيح. ولما ولد تركوا عليه جفنة فانفلقت فلقتين فكان ذلك من مبادئ أمارات النبوة، فأعجب ذلك جده عبد المطلب وقال:"ليكون لابني هذا شأن"، وختنه جده يوم سابعه، ومات أَبوه وهو حمل في بطن أمه بين مكة والمدينة وأرضعته أمه سبعة أيام ثم أَرضعته ثوية مولاة أَبى لهب بلبن ابنها مروح، وقد أرضعت قبله عمه حمزة بن عبد المطلب، ثم أرضعته حليمة بنت أبى ذويب بن عبد الله بن الحارث بن جابر بن سعد من هوازن السعدية بلبن زوجها الحارث ابن عبد العزى، فأقام صلى الله عليه وسلم عند حليمة عند بكر بهوازن نحو أربع سنين، فشق فؤاده هناك وملئ حكمة وإيماناً ثم ردته حليمة إلى أمه وهو ابن خمس سنين وشهر، ثم خرجت به إلى المدينة تزور أَخوالها فماتت بالأبواء بين مكة والمدينة، وله ست سنين وثلاثة أشهر، فكفله جده عبد المطلب وكان يري فيه ما يسره فيدنيه، حتى كان يدخل عليه إذا خلا ويجلس على فراشه وحضنته بعد أمه أم أيمن بركة الحبشية مولاة أبيه. ومات عبد المطلب وله من العمر ثمان سنين وأوصى به إلى ابنه أبى طالب وكان أخا عبد الله من أمه فكفله عمه أبو طالب.