للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالبقعة حرام ما في ذلك شك. والتبرير الذي ساقه الطبري مقبول. فالمكان كان يأتيه المظلوم والمتعوذ من أقطار الأرض. ويدعو عنده المكروب. فقل من دعا هنالك إلا استجيب له. وكان الناس يحجون موضع البيت حتى بوأ الله مكانه لإبراهيم لما أراد عمارة بيته وإظهار دينه وشرائعه. فلم يزل المكان منذ أهبط الله آدم إلى الأرض معظماً محرماً [٢٦] .

وقد ذكر النويري أن النبي من الأنبياء إذا هلكت أمته لحق بمكة فتعبد بها ومن معه من المؤمنين حتى يموت. فمات بها نوح وهود وصالح وشعيب وقبورهم بين زمزم والحجر. وعن مجاهد:"حج موسى النبي على جمل أحمر فمرّ بالروحاء عليه عباءتان قطوانيتان متزر بإحداهما مرتدياً بالأخرى. فطاف بالبيت ثم سعى بين الصفا والمروة ".

وعن ابن عباس رضي الله عنهما:"لقد سلك فَجّ الروحاء سبعون نبياً حجاجاً عليهم لباس الصوف مخطمي إبلهم بحبال الصوف. ولقد صلى في مسجد الخيف سبعون نبياً ". وعنه:"عن الرسول صلى الله عليه وسلم لقد مر بهذا الفَجّ (فج الروحاء) سبعون نبياً على نوق حمر خطامها الليف لبوسهم العباء وتلبيتهم شتى " [٢٧] .

وروي الحافظ أبو يعلى عن ابن عباس قال:"حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أتى وادي عسفان قال: يا أَبا بكر، أي واد هذا. قال: هذا وادي عسفان. قال: لقد مر بهذا الوادي نوح وهود وإبراهيم على بكرات لهم حمر، خطمهم الليف وأَزرهم العباء وأرديتهم النمار يحجون البيت العتيق " [٢٨] . ومعروف أن نوحاً وهوداً كانا قبل إبراهيم عليهم السلام. ويذكر ابن كثير:"أن قبر نوح عليه السلام بالمسجد الحرام وليس في كرك نوح بالشام كما يقال" [٢٩] .