وقد كان من الواجب على هؤلاء السلاطين الذين كانوا يحملون ألقاب (غياث الدنيا والدين وحامى حمى المسلمين) كان الواجب عليهم أن يعملوا بمقتضى ما منحوه من ألقاب وأن يوجهوا همتهم للدفاع عن بلاد الشام والجزيرة التي كانت موطئ أقدام الغزاة الصليبين وألا يتركوا عبء الدفاع عنها على كواهل أمرائها الضعاف الذين لم يكن لديهم من الجيوش والمعدات ما يمكنهم من صد هؤلاء المغيرين ويساعده على الإحتفاظ بما تحت أيديهم من الإمارات وحمايتها من أطماع الصليبين.
ومما يثير الدهشة أن وفداً من سكان بيت المقدس ذهب إلى بغداد بعد سقوط مدينتهم في يد الصليبيين يلتمس النجدة من أمير المؤمنين (المستظهر بالله ٤٨٧- ٥١٢ هـ) فتأثر أهل بغداد لما حلّ بإخوانهم تأثراً عميقاً وحزنوا لما أصابهم حزناً شديداً ولكنهم لم يهبوا لنصرتهم. أما الخليفة فإنه أحال الوفد على السلطان بركياروق بن ملكشاه ولكن السلطان لم يقدر المسئولية ولم يحقق ما عقد عليه من أمل ويهب على رأس جيش لنجدتهم.
وهكذا تقاعس الخلفاء العباسيون والسلاطين السلاجقة عن الجهاد وحماية بلاد الإسلام حتى وطد الصليبيون أقدامهم في جزء غال منها وتطلب إجلاؤهم عنه مجهوداً كبيراً ووقتاً طويلاً من أبطال الإِسلام الذين كرسوا أنفسهم للجهاد في سبيل الله أمثال عماد الدين زنكي وابنه نور الدين محمود وصلاح الدين يوسف بن أيوب ومن جاء بعدهم من الأيوبيين والمماليك.