وعلى الرغم من استنجاد (رايموند) الثالث أمير طرابلس بصلاح الدين ليساعده على تولى ملك بيت المقدس الذي تولاه (جاى دى لوزينيان) بمساعدة أرناط فإن صلاح الدين لم يشأ أن يتدخل في شئون الصليبيين الداخلية تمسكاً بالأخلاق الإسلامية التي تدعو إلى الوفاء بالعهد.
وفي سنة ٥٨٢ هـ هاجم أرناط قافلة من الحجاج المسلمين كانت تعبر بلاده في طريقها إلى مكة ونهبها وأسر كثيراً من أفرادها فأرسل إليه صلاح الدين يطلب إطلاق سراح الأسرى فلم يفعل فغضب صلاح الدين واستعد للحرب ونذر أن يذبح أرناط بيده إن أظفره الله به [١٤] .
ولما علم الصليبيون باستعداد صلاح الدين لحربهم اجتمعوا في بلدة صفورية على مقربة من عكا ليدرسوا الموقف ويقرروا الخطة التي يسيرون عليها إذا هاجمهم صلاح الدين فأشارت الأقلية- وعلى رأسها أرناط- بمهاجمة صلاح الدين ولكن الأكثرية- وعلى رأسها جان دي لوزينيان- رأت أن يقف الصليبيون موقف الدفاع. غير أن أرناط أثر على الملك فانحاز إليه وترجحت كفة الداعين للهجوم وتقدم الجيش الصليبي وعسكر على تل قريب من قرية (حطين) .
أما صلاح الدين فأنه فتح مدينة طبرية سنة ٥٨٣ ولكن قلعتها لم تسلم ففك الحصار عنها واتجه نحو معسكر الجيش الصليبي وهاجمه هجوماً عنيفاً وأنزل بالصليبيين هزيمة ساحقة وقتل كثيراً منهم وأسر كثيراً من بينهم أرناط وجاي دي لوزينيان. وقتل السلطان أرناط بيده وفاء بنذره. ولما رأى ملك بيت المقدس ما حل بأرناط ارتعدت فرائصه ولكن صلاح الدين أمنه على حياته [١٥] .