هذا كل ما تمخضت عن الحملة الصليبية المعروفة (الثالثة) . يقول المؤرخ الإنجليزي المعروف (فيشير) معلقاً على فشل هذه الحملة ومن هذه النتيجة الضئيلة تتضح شناعة الخاتمة التي حلت بما عقد على تلك الحملة من آمال كما تتضح فداحة الدليل على عجز أوروبا عن توحيد المسيحية الغربية وتوجيهها نحو هدف عام [٢٦] .
الأيوبيون والمماليك يواصلون جهاد الصليبيين:-
لم يعمر صلاح الدين طويلاً بعد صلح الرملة بل وافته منيته في صفر سنة ٥٨٩ هـ ودفن بدمشق وتوارثت أسرته حكم الإمبراطورية التي أنشأها وحملت لواء الجهاد ضد الصليبين وصدت كل ما وجهوه إلى الشام ومصر من هجوم وكان آخر أبطالهم المعظم توران شاه بن السلطان الصالح أيوب الذي أظهر بطولة نادرة في حربه مع لويس التاسع ملك فرنسا وتغلب عليه وأسره مع كثير من أمراء دولته وجنده وقتل منهم سبعة آلاف في المعركة [٢٧] .
وكان السلطان الصالح أيوب قد أكثر من شراء المماليك ورقاهم إلى أعلى رتب الجيش وكانوا أطوع له من بنانه وأكثر الناس ولاءً له وقد أبلوا بلاءً حسناً في محاربة الصليبين وكانوا من أقوى العناصر التي ساعدت على هزيمتهم فقوي مركزهم وطمعوا في انتزاع الملك من الأيوبيين بعد موته فلما أراد ابنه توران شاه أن يفرض عليهم نفوذه وسيطرته قتلوه بعد بضعة عشر يوماً من انتصاره على الصليبيين وهو ما يزال في أرض المعركة وقبل أن يعود إلى القاهرة [٢٨] .
وبعد قتل السلطان توران شاه نادى المماليك بشجرة الدر أم ولد السلطان نجم الدين أيوب سلطانة على مصر وما يتبعها من بلاد الشام ويعدها أكثر المؤرخين آخر سلاطين الدولة الأيوبية لأنها زوجة الصالح أيوب.