وقد أصبحت عكا بعد أن استردها الصليبيون أهم مركز لدولة الفرنجة في الشرق وحلت محل بيت المقدس في الزعامة على المدن الصليبية الأخرى. وكان من المحتمل أن يكسب الصليبيون انتصارات أخرى مهمة على المسلمين ولكن سرعان ما دب دبيب الشقاق بينهم ورجع ملك فرنسا إلى بلاده وبقي (رتشارد) واستولى على مدينتي أرسوف ويافا وعزم على استرداد بيت المقدس فوجه صلاح الدين همته إلى تحصين المدينة والدفاع عنها ورأى أنه من الخير الاحتفاظ بالمدن الداخلية ريثما تتاح له فرصة تكوين أسطول بحري كبير يحمي به المدن الساحلية.
صلح الرملة:
كان رتشارد شديد الرغبة في فتح بيت المقدس ولكنه لم يكن واثقاً من الظفر بأمنيته ففكر في حيلة تحقق له بعض ما يتمناه وأقترح أن يزوج أخته من العادل أخي صلاح الدين على أن يحكم الاثنان بيت المقدس ولكن هذا الاقتراح رفضه المسيحيون والمسلمون على السواء [٢٤] .
ثم حدثت بعض المعارك بين جيش رتشارد وصلاح الدين وكان رتشارد وصلاح الدين يتبادلان الهدايا والمكاتبات رغم الحرب الدائرة بينهما [٢٥] .
ولما سئم كل من الطرفين الحرب دخلا ثانية في مفاوضات انتهت بعقد صلح الرملة سنة ٥٨٨هـ على شروط أهمها ما يلي:
١- أن تخرب مدينة عسقلاة التي كانت قد وقعت في أيدي الصليبيين وكان بقاء هذه المدينة محصنة خطراً على بيت المقدس لأنها مفتاحه.
٢- أن يستولى الصليبيون على المدن الساحلية من صور شمالاً إلى يافا جنوباً وأن تبقى المدن الساحلية الواقعة جنوب يافا في أيدي المسلمين.
٣-أن يمكن المسيحيون من الحج إلى بيت المقدس وألا يتعرض لهم المسلمون بأذى.