اتفق الصليبيون الذين كانوا بالشام مع ملك فرنسا ومن وصل إليهم من بقايا جيش إمبراطور ألمانيا على حصار عكا ونقض جاي ذي لوزينيان ملك بيت المقدس عهده لصلاح الدين عندما فك أسره وحاصر المدينة سنة ٥٨٦ هـ وفى اليوم التالي لحصارها وصل صلاح الدين لإنقاذها وضرب خيامه في مواجهة العدو واشتدت المعارك براًَ وبحراًَ بين المهاجمين والمدافعين. وبعد فترة وصل رتشارد بجيشه ففرح الصليبيون بقدومه وقوي جانبهم وقد استبسلت حامية المدينة في الدفاع عنها وكانت أوامر صلاح الدين تصل إلى الحامية بواسطة السباحين وحمام الزاجل [٢١] . وقد استمر الحصار إلى سنة ٥٨٧ هـ وساعد الفرنج على مداومته سيطرتهم على البحر.
ولما اشتد الضيق بحامية المدينة وعجز صلاح الدين عن إرغام الفرنج على فك الحصار عنها سلمت على أن يفتدى أهلها أنفسهم بمائتي ألف دينار وألف وستمائة أسير من أسرى الفرنج من بينهم مائة شخص طلب فداؤهم بالذات وأن يرد المسلمون صليب الصلبوت الذي كانوا قد أخذوه عندما فتحوا مدينة بيت المقدس [٢٢] .
أخذ صلاح الدين يجمع المال ليفتدي حامية عكا ولما انقضى شهر ولم يدفع الملك المبلغ المتفق عليه أمر رتشارد بقتل ألفين وسبعمائة من أسرى المسلمين ولم يكن كريماً في معاملته للأسرى المسلمين كما فعل صلاح الدين بعد فتحه لبيت المقدس مع الأسرى الفرنج حيث أطلق آلافاً منهم عجزوا عن افتداء أنفسهم [٢٣] .