للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير أن هذا الواجب تخلى عنه المسلمون في الجملة زمناً غير قصير. فمنذ ضعفت الخلافة العثمانية وقبل سقوطها والدعوة الإسلامية واقفة، وظلها الطيب المبارك ينحسر عن رقاع واسعة من العالم الإسلامي. والأسباب معروفة، فما هناك حاجة إلى ذكرها هنا. وإنما الذي ينبغي أن يذكر هو أن العالم الإسلامي قد تحرر من سلطان الاستعمار الغربي، وأصبح للمسلمين دول وحكومات لها شأن عظيم. ووزن ثقيل بين دول العالم وحكوماته فيجب على المسلمين أن ينهضوا من جديد بواجب الدعوة الإسلامية ويحملوها إلى الناس ليكملوا عليها ويسعدوا بها، وذلك واجبهم الذي أوجبه الله تعالى عليهم بآية يوسف التي نحن بصدد تفسيرها. إذ قوله تعالى: {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} نص صريح في أن من اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ودعا إليه من الإيمان والإسلام والإحسان، وجب عليه أن يدعو إلى الله تعالى ليعرف ويعبد ويوحد. في حدود طاقته، وما يتسع له جهده البشري.

ونظراً إلى الظروف المحيطة بالعالم الإسلامي. والواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم. فإن النهوض بهذا الواجب، واجب الدعوة إلى الله تعالى قد يتأتى من طريقين:

الأول: وهو واجب الدعوة في داخل العالم الإسلامي، ويكون باضطلاع الحكومة المسلمة به بين مواطنيها ورعاياها، وذلك بتكوين لجان الأحياء والقرى والمساجد. وتتكون لجنة الحي في الجامع من عمدة الحي أو القرية وإمام المسجد والواعظ الخاص بالمسجد، ويتعاون كل مواطن في الحي أو القرية مع هذه اللجنة على دعوة كل مواطن لحضور درس المسجد اليومي من بعد صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، لتلقي العلم المعرف بالله تعالى ومحابه ومساخطه. والمواعظ المساعدة على فعل المحبوب لله عز وجل، وترك المكروه له سبحانه وتعالى. وعلى المسئولين أن يولوا هذه اللجان وأعمالها في المساجد عناية تجعل المواطن لا يتأخر عن حضورها والإستفادة منها طوال حياته٠