فاستجاب الله الدعاء، فما كاد يتم كلامه- كما يقول ابن تاشفين- حتى سهل الله المركب، ووصل الطلب، وعبرت السفينة المضيق في ريح طيبة وبحر هادىء، ووصل القائد إلى أرض الجزيرة بسلام.
وما أن رأى الناس يوسف حتى دوت الأصوات بالتكبير والحمد الله، وتقدم إليه المعتمد بن عباد، ونزل عن فرسه، وأراد تقبيل يد يوسف، فمنعه من ذلك، وبادر إلى معانقته، وسأله عن حاله، وأطال معه الحديث.
وأراد المعتمد أن يأخذه إلى عاصمة ملكه ليستريح، فقال رحمه الله:
"إنما جئت ناوياً الجهاد، فحيثما كان العدو توجهت ".
وكان يوسف قد كتب إلى سائر حكام الأندلس، فتوافدوا إليه سريعاً، وكان معهم ابن بلقين حاكم غرناطه، وأخوه تميم حاكم مالقة، وعمر المتوكل صاحب بطليوس وغيرهم.
وصل الجميع إلى أرض المعركة في مكان يسمى (الزلاقة) يقع على مقربة من حدود البرتغال غرب الأندلس، والذي استقر رأي أمير المسلمين على أن يعسكر فيه بعد أن أتته الأخبار بأن الفونسو يتجه بجيوشه إلى جهة الغرب من الأندلس.
فرق يوسف بين جيوش المرابطين، وجيوش الأندلس، وجعل الأولى مستقلة تماماً عن غيرها بقيادته وقيادة أبى داود سليمان بن عائشة، ومعه فرسان البربر، والقائد البطل أبو بكر بن سير ومعه جيش للطوارئ ولما يستجد من أمور، وذلك حَسْب تخطيط بارع دل فيما بعد على عبقرية يوسف الحربية.
وكانت جيوش الأندلس تحت قيادة المعتمد بن عباد وابن الأفطس وأخذت مكانها في المقدمة، بينما كانت جيوش المرابطين في المؤخرة.