لقد جمع يوسف كل ما يحتاج إليه من معلومات، فقد رأى ملوك الطوائف وكيف يكيل بعضهم لبعض الإتهامات، ويتهم بعضهم بالخيانة، والتواطؤ مع الأعداء، بل لقد علم أن بعض الملوك كان على صلة بمن في الحصن، وأنهم قدموا إليهم مساعدات أدت إلى مناعة الحصن، وأن بعضهم بدأ يخاف من قوة المرابطين المتسمة بالجد والعمل، وأن الناس في الممالك لا حديث لهم إلا عن المرابطين، وضعف الملوك.
لقد خرج يوسف بنهاية مؤسفة من مخالطته لهؤلاء القوم وهى أنه ليس في ملوك الطوائف من يستطيع أن يتحمل مسئولية الحكم والدفاع عن البلاد، وأنهم لا يرجى منهم نفع لا لأنفسهم ولا للمسلمين، وأنهم يتخبطون في حياتهم ولا هم لهم إلا شيء واحد هو المحافظة على الكرسي الذي يجلسون عليه.
لما أراد يوسف الرجوع إلى بلاده، اجتمع حوله الملوك، وكلموه في أن يترك لهم جيشاً يحميهم من هجوم الفونسو قال لهم:
"أصلحوا نياتكم تكفوا عدوكم ".
أثار هذا التصريح خوفهم، فرجع بعضهم إلى دفع الإِتاوة إلى الفونسو، ورجع البعض إلى التعاون معه، وقطع بعضهم المدد عن الحامية التي تركها لهم يوسف، فأهاج هذا وغيره مسلمي الأندلس، فعقدوا الإجتماعات، وأعلنوا العصيان، وأفتى الفقهاء بخلع الملوك، واتهموهم بالخيانة والكفر، وعبر عن ذلك أحد الشعراء إذ قال: