كانت الزلاقة كيوم القادسية واليرموك، عمت بها الفرحة في المشرق والمغرب، ووصلت وفود المهنئين إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، وأرسل الإِمام الغزالي إلى يوسف يهنئه بنصر الله ويعده باللقاء، فلقد اعتبره الأمير المثالي، ورجا الله ودعاه أن ينصر الإِسلام والمسلمين بابن تاشفين.
هدد الفونسو أهل الصليب بترك الأندلس للمسلمين إذا لم يساعدوه بكل ما يستطيعون فأرسلوا إليه آلاف المقاتلين، فأخذ يستعد لقتال المسلمين، وابتنى قرب مُرْسِية حصناً ضخماً ليكون قاعدة للإغارة على تلك المناطق، في مكان اسمه لييط شحنه بالمقاتلة حتى بلغ حاميته ثلاثة عشر ألف مقاتل، فيهم ألف فارس.
وبدل أن يتحد ملوك الطوائف، ويواجهوا قوة الفونسو ومن معه، أصبحوا يتواكلون على يوسف، فنجد ابن عباد الذي اعتبر نفسه قائد الأندلس وحاميها، يستعين بيوسف مرة ثانية، فقد عبر بنفسه إلى المغرب، والتقى بأمير المسلمين، وعرض عليه الأمر، فوعده يوسف خيراً، واستعد للجواز الثاني وذلك في عام ٤٨١هـ.
وتوجه ومن معه من المرابطين إلى حصن لييط، ولحق به عدد من ملوك الطوائف ومعهم قواتهم وضربوا حصاراً حول الحصن دام أربعة أشهر، والقوات من داخل الحصن تتساقط من الجوع والإِعياء، ورغم ذلك فقد كان من أهل الحصن ينقضون على المسلمين فينزلون بهم الخسران، ثم يرجعون إلى الحصن.
ما الذي شجع أهل الحصن على ذلك؟ وهل يوجد خونة في صفوف المسلمين؟ أو تخاذلت البعض؟ الذي لا نشك فيه أن المسلمين لم يكونوا يداً واحدة!