أي بصيرون بطعن الأباهر، وقال بعضهم إن (في) بمعنى (الباء) في قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَأُكُمْ فِيهِ}(الشورى:١١) . وقد جعلها ابن هشام للتعليل موافقاً الزمخشري في ذلك [٨] .
الباء- عن:
أ- (الباء) تفيد القسم في أظهر معانيها كما تقدم ولكنها في بعض أحوالها قد تأتي في الأسلوب مفيدة معنى (المجاوزة) مقترضة هذا المعنى من (عن) نحو قوله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ}(المعارج: ا) أي عن عذاب واقع، ونحو:{فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً}(الفرقان: ٥٦) أي فاسأل عنه خبيراً، ونحو:{يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}(الحديد: ١٢) أي بين أيديهم وعن أيمانهم، ونحو:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ}(الفرقان: ٢٥) أي يوم تشقق السماء عن الغمام. غير أن الزمخشري جعل (الباء) في هذه الآية بمنزلتها في شققت السنام بالشفرة. على أن الغمام جعل كالآلة التي يشق بها، قال: ونظيره قوله تعالى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ}(المزمل: ١٨) .
ومن مجيء (الباء) بمعنى _ (عن) نظماً قول علقمة بن عبده:
بصير بأدواء النساء طبيب
فإن تسألوني بالنساء فإنني
أي فإن تسألوني عن النساء.
وقول عنتره:
إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك
أراد: عما لم تعلمي.
وقول النابغة الجعدي:
شرب الدهر عليهم وأكل
سألتني بأناس هلكوا
أي سألتني عن أناس.
وقول النابغة الذبياني:
بذي الجليل على مستأنس وحَد
كأن رحلي وقد زال النَّهار بنا
أي وقد زال النهار عنا.
فالباء في كل ما تقدم تفيد معنى المجاوزة على سبيل الاقتراض من (عن)[٩] .