ب- أما (عن) فهي حرف يفيد معنى المجاوزة ولم يذكر البصريون سواه. نحو: سافرت عن البلد، ورغبت عن كذا، ورميت السهم عن القوس [١٠] ، وغير البصريين يذهبون إلى أنها تفيد معاني أخر منها قد تجئ بمعنى الباء أي تقترض معناه يدل على ذلك الأمثلة الآتية:
قال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}(النجم: ٣) . أي وما ينطق بالهوى. غير أن بعضهم ذهب إلى أن الباء في هذه الآية على حقيقتها أي ما يصدر قوله عن الهوى [١١] . وتقول العرب: رميت عن القوس أي رميت بالقوس، وقال امرؤ القيس:
بناظرة من وحشي وحرة مطفل
تَصدُّ وتبدى عن أسيل وتتقى
أي تصد وتبدى بأسيل، فعن في البيت بمعنى الباء [١٢] .
الباء- على:
أ- وأيضاً فالباء المتقدمة قد تأتي في بعض الأحيان مفيدة معنى الإستعلاء مقترضة هذا المعنى من (على) نحو قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ}(آل عمران: ٧٥) أي تأمنه على قنطار، بدليل قوله تعالى:{هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْل}(يوسف: ٦٤) ونحو قوله تعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ}(المطففين: ٣٠) أي إذا مروا عليهم يتغامزون بدليل قوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ}(الصافات: ١٣٧) .
ومن مجيء الباء بمعنى الإستعلاء أيضاً قول الشاعر:
لقد هان من بالت عليه الثعالب
أربُّ يبول الثعلبان برأسه
أي يبول الثعلبان على رأسه، ويؤكد ذلك الشطر الثاني من البيت [١٣] .