ب- وقد تأتى (من) بمعنى (على) أي مفيدة معنى الاستعلاء نحو قوله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا} أي ونصرناه على القوم الذين كذبوا، وقيل: ضمن (نصرناه) معنى منعناه أي منعناهم بالنصر.
وهكذا جاءت (على) في الأساليب بمعنى (من) أي مفيدة معنى ابتداء الغاية، وجاءت (من) بمعنى (على) أي مفيدة معنى الاستعلاء وكل ذلك على سبيل التقارض بينهما في المعاني [٣٤] .
عن- اللام:
وقد تترك (عن) معنى المجاوزة إلى إفادة (التعليل) على سبيل الاقتراض من (اللام) نحو قوله تعالى {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاه}(التوبة: ١١٤) أي إلا الموعدة وعدها إياه، وقوله تعالى:{وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ}(هود: ٥) أي ما نحن بتاركي آلهتنا لقولك، وقد ذهب الزمخشري إلى غير هذا فجوز أن يكون (عن قولك) حالاً من ضمير تاركي أي ما نتركها صادرين عن قولك، فليست عن بمنزلة اللام على رأيه [٣٥] .
ب- وقد تأتى (اللام) بمعنى (عن) أي مفيدة (معنى المجاوزة) نحو قوله تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْه}(الأحقاف: ١١) أي قال الذين كفروا عن الذين آمنوا قال بهذا ابن الحاجب، وذهب ابن مالك وغيره إلى أن اللام في الآية لام التعليل، وقيل هي لام التبليغ والتفت عن الخطاب إلى الغيبة، أو يكون اسم المفعول لهم محذوفاً أي قالوا لطائفة من المؤمنين لما سمعوا إسلام طائفة أخرى، وحيث دخلت اللام على غير المقول له فالتأويل على بعض ما ذكر [٣٦] .