أ- وقد تأتى (عن) بمعنى (من) أي مفيدة معنى ابتداء الغاية. نحو قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}(الشورى: ٢٥) أي يقبل التوبة من عباده، وقوله تعالى {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا}(الأحقاف: ١٦) أي يتقبل منهم أحسن ما عملوا بدليل قوله تعالى {فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَر} المائدة: ٢٧) وبدليل قوله تعالى: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(البقرة: ١٢٧) .
ب- وقد تأتي (من) مرادفة (لعن) فتفيد معنى المجاوزة على رأي بعضهم نحو قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}(الزمر: ٢٢) أي عن ذكر الله، وقوله تعالى:{قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا}(الأنبياء: ٩٧) أي في غفلة عن هذا، وذكر الهروى:"أنه قيل: حدثني فلان من فلان" أي حدثني فلان عن فلان.
قال ابن هشام:
وزعم ابن مالك أن (من في نحو: زيد أفضل من عمرو للمجاوزة، وكأنه قيل: جاوز زيد عمراً في الفضل قال: وهو أولى من قول سيبويه وغيره أنها لابتداء الارتفاع في نحو: أفضل منه، وابتداء الانحطاط في نحو: شرمنه إذ لا يقع بعدها إلى، وقد رُدَّ على ابن مالك أنها لو كانت للمجاوزة في المثال المتقدم لصح في موضعها عن [٣٧] .