أ- (في) تفيد معنى الظرفية. قال أبو على الفارسي:"وفى معناها الوعاء وذلك نحو: المال في الكيس واللص في الحبس ويتسع فيها فيقال: زيد ينظر في العلم وأنا في حاجتك "وقد تخرج عن هذا المعنى إلى مرادفة (اللام) فتفيد معنى التعليل أو السببية نحو قوله تعالى {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيه}(يوسف: ٣٢) أي لمتنني لأجله. وقوله تعالى {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ}(النور: ١٤) أي لأجل إفاضتكم فيه، ومن ذلك حديث الرسول عظيم:"دخلت امرأة النار في هرة حبستها "[٣٨] أي لأجل هرة فالهرة هي العلة والسبب في دخول المرأة النار.
ب- (واللام) التي تفيد معنى (التعليل) قد تخرج عنه إلى إفادة معنى الظرفية على سبيل الاقتراض من (في) نحو قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}(الأنبياء: ١١) أي ونضع الموازين في يوم القيامة. وقوله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُو}(الأعراف: ١٨٧) أي لا يجليها في وقتها إلا هو، قيل: ومنه قوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}(الفجر: ٢٤) أي في حياتي. وقولهم: مضى لسبيله أي مضى في سبيله [٣٩] .
في- من:
أ- وقد تأتى (في) بمعنى (من) أي تأتي مقترضة معنى ابتداء الغاية أو التبعيض من (من) نحو قول امرئ القيس: [٤٠]
وهل يعمن من كان في العصر الخالي
ألا عم صباحاً أيها الطلل البالي
ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوال
وهل يعمن من كان أحدث عهده
أي من كان من العصر الخالي وثلاثين شهراً من ثلاثة أحوال.