انطلقت من باب المستشفى والسعادة تغمرني, والطرب مسيطر عليّ يستفزني, وكانت خطواتي سريعة غير متزنة, وانتبهت إلى نفسي أنني أدندن بأغنية قديمة.. وتوقفت عن الغناء وقلت: أستغفر الله, فالوقت وقت حمد واستغفار ثم انطلقت أتمتم: الحمد الله.. الحمد الله.
وصلت البيت وكان فارغا كما تركته منذ أربعة أيام فلا يزال الأهل في الزبداني, ومدت يدي إلى جيبي أبحث عن المفتاح, ولاحت مني نظرة إلى شباك سلوى, صديقة الأيام الماضية, وابتسمت ولوّحت لي بيديها كعادتها وأحسست أن يدي ترتفع لترد على التحية, وأن شفتي بدأتا تفتران عن ابتسامة وفي نفس اللحظة كان صوت المؤذن لأذان الظهر قد انطلق: الله أكبر.. وتذكرت التوبة وعهدي لله.. فارتخت يدي.. وجمد وجهي وقلت: الله أكبر ثم نظرت نحو المسجد فرأيت مئذنة سامقة في الجو تذكر بالصعود والتسامي والارتفاع عن كل ما في الدنيا من مغريات.. رددت مرة أخرى: الله اكبر, فقد وضحت الطريق وظهرت السبيل.. فلا مجال للعودة أو التردد وتركت المفتاح في جيبي وأدرت ظهري لسلوى وما تعنيه من مغريات الدنيا ثم اتجهت نحو المسجد للصلاة فما أحلى التوبة, وما أحلى الطريق الجديدة!!