انتابني شعور من القلق يشابه ما ينتاب الطالب الذي ينتظر نتيجة امتحانه، فلا يزال هناك أمل يتردد قد يخبو فقد لا أكون مصابا إصابة شديدة، ولكن الأمل بالله قائم ورحت أرقب الباب بلهفة من ساعات عديدة، وأخذت أتحرك قليلا فلا أكاد أغادر النافذة حتى أعود إليها وعيناي مسمرتان على الباب لا تفارقانه. وظهرت قامة الرجل فاتحا الباب فحدقت في وجهه لكنه لم يعرني انتباها وإنما صاح على الخادم أن يذهب إلى المختبر وأن يحضر تقرير الطبيب الجرثومي, ثم عاد إلى الغرفة ومر الخادم بعد قليل يحمل ورقة بيده فاخترق ألي الغرفة المغلقة ... كان قلبي يدق.. وكانت نفسي مضطربة، ومع هذا فكنت أحس براحة شديدة، فتعلقي بنتيجة التصوير والفحص لم يذهب طمأنينتي إلى الله, ورحت أتضرع إلى الله وأدعو وأتذلل, وكنت في حالة من الانكسار ندر أن تمر في حياة الإنسان وندر أني مررت بها.
وأخيرا جاء الرجل.. ونظرت إلى شفتيه كما ينظر المتهم المظلوم إلى شفتي قاض ظالم ونظر إلي باسما ثم قال: اطمئن.. فلقد فحصنا الصورة الكبيرة فما وجدنا بها شيئا وقد كبرناها مقاطع مقاطع فما وجدنا شيئا ونظرنا في نتيجة الزرع الجرثومي فوجدناها سلبية فاذهب واطمئن..
وقلت: لكن كيف تعلل الصورة الأولى وما فيها؟..
ضحك, وقال: لا هذه قضية بسيطة فكثيرا ما يتفس الإنسان وقت لقط الصورة فتأتي مشوشة وقد تفسد عند تحميضها فنضطر إلى إجراء ما رأيت للتأكد من المرض والسلامة..
لست أدري ماذا انتابني وأنا أسمع كلام الرجل بسلامتي، كدت أصفق، أصيح, أقفز, أنادي على الناس ليشهدوا أني معافى, أضمه, وأقبله, أبكي, عواطف متعددة اجتاحتني.. ولكني تذكرت فضل الله علي فخررت على الأرض ساجدا, وقلت: الحمد لله والدموع تترغرغ في عيني..ثم انطلقت مسرعا أريد أن أخرج على الناس والأهل والصحب ليعلموا أن ما قيل عني كان غير صحيح..