ولم يكن طريقه إلى مكة لا أشواك فيه, إذ من العسير على العرب أن يتسامعوا بغزو بيت الله الحرام فلا يستثارون ولا يثورون. فهب فريق ممن أوتوا حمية وغيرة يعترضون جيش أبرهة اللجب. وكانت أولى المقاومة من قوة يمانية على رأسها الملك ذو نفر ٥ صمد لأبرهة بقبيلته وجماعات من العرب، ولم يكن ثمة تكافؤ بين الفريقين، فأحاط به أبرهة وأسره وكبَّله وسيره في الجيش تشهيراً وتخويفاً وردعاً للآخرين. على أن مصير ذي نفر لم يمنع قوة عربية أخرى للمقاومة من قبيلة خثعم بقيادة سيدها نفيل بن حبيب ٦ فلم يلبث إلا يسيرا حتى أسر وأدني للقتل ولكنه أعلن ولاءه وولاء قبيلته الكبيرة لأبرهة وتطوع أن يكون دليله في طريق مخوف، فرضي أبرهة من ذلك ليأمن ظهر الجيش وليستفيد من حصر القوى العربية معه. وكان من خطته أن يتحاشى سفك الدماء ما استطاع حتى يأمن الثارات والحزازات ويضمن للمستقبل صفاء القلوب، ولما حاصر ثقيفاً في الطائف خرجوا إليه وأعلنوا الطاعة والعبودية لأبرهة ورضوا بأن يهدم بيت الله على أن يسلم لهم بيت اللات ١ وقد كشف إخفاق المقاومة العربية عن نواح خطيرة في واقع العرب:
١- عظم مكانة الكعبة في نفوسهم واستعداد العرب للقتال في سبيل بقائها. ولكن هذه النية الحسنة لم تظفر بالقدرة المنفذة.
٢- عجز قوى المقاومة عن اجتماع بعضها البعض وتنسيق خططها.