ومن الواضح أن الدكتور يزعم بأن الذين نزلت فيهم (سورة الجن) وآية الأحقاف ليس المراد بهم (الجن) الحقيقيين أي المخلوقات العاقلة النارية التي تختلف عن الملائكة كما تختلف عن الإنس بل المراد بهم جماعة من البشر الذي يخفى إيمانه (ولم يظهر في تعرفه على الهداية وفي تبشيره لدين الله) تفسير سورة الجن ص ٩.
ويرجح الدكتور أن هذا النفر الذي أنزلت فيه سورة الجن وآية الأحقاف كان من أهل يثرب ثم يتحدث عن ثلاث قضايا أنها أدلة على أن المراد بالجن البشر. القضية الأولى: إيمان هذا الفريق بوحدة الله في الألوهية. القضية الثانية: حكم هذا الفريق على القرآن بعدما سمعوا منه بعض آياته بأنه كتاب مصدق لما بين يديه من التوراة. القضية الثالثة: دعوة هذا الفريق إلى الإِسلام بين قومه. وهذه القضايا الثلاث تختص- في رأي الدكتور- برسالة البشر فالبشر وحدهم المكلفون باتباع رسالة الله، راجع ص ١٠ من تفسيره المذكور. ولن أطيل في مناقشة هذه القضايا ولا النتيجة التي وصل إليها الدكتور وذلك لأنها لا تعدو أن تكون مقدمات أو قضايا لا يحكم ارتباطها بما وصل إليه من نتيجة إلا مجرد الوهم والإِدعاء والنتيجة وهي (اختصاص البشر وحدهم بالتكليف) لا دليل عليها بل الدليل يقوم على تأييد أن الرسالة والتكليف للإنس والجن. وما نحسب أن أحداً من أهل العلم الذين يعتد بهم يؤيد ما ذهب إليه الدكتور ويكفي- في رد هذا الإختصاص سواء قال به الدكتور أو غيره- قول الله جل وعلا:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} .