هناك حالات من القياس! الفقهي تحتاج إلى معرفة قدر من المعلومات الواردة في علوم المادة، كعلوم الكيمياء والصيدلة والطب.. الخ. ولهذا فمن الصواب أن يستأنس رجال الدين برأي علماء المادة المسلمين في مثل هذه الأقيسة عند إصدار الفتاوى والأحكام الشرعية. فعلماء المادة هم المتخصصون في دراسة صفات المواد. واحتياج الإنسان إليها طعاماً وشراباً وعلاجاً، وهم الدارسون لطرق تجهيزها وصور استعمالها وأغراضه. إلى آخر هذه الدراسات المادية. فالتعاون إذن واجب بين الفقهاء وعلماء المادة وتضافر الجهود بينهم فيه الصواب والخير للأمة الإسلامية.
والقول- مثلاً- بأن التحول يذيب خصائص الشيء المحرم ليصبح طاهراً وحلالاً يحتاج إلى رأي علماء المادة لمعرفة طبيعة التحول في المواد وطرقها وأنواعها.. الخ.
والقول- مثلاً- بأن المائعات النجسة التي تضاف إلى الأدوية والروائح العطرية لإصلاحها يعفى عن القدر الذي به الإصلاح قياساً على (الأنفحة) المصلحة (للجبن) هو قول يحتاج إلى مراجعة على ضوء، المعارف العلمية كالآتي:
معروف أن (الأنفخة) تأتي من حيوانات مأكول لحمها بعد تذكيتها الشرعية وهي جزء من أجزاء الحيوان (كالمرارة) وبقياس طهارتها على طهارة مرارة الحيوان. تكون طاهرة. وهي جزء من الحيوان المذكى تابع له في طهارته (والجبن) في تجهيزه إنما يصلح بهذه (الأنفحة) الطاهرة التي تضاف إلى (الجبن) الطاهر الحلال إذن فالعفو عن المائعات النجسة التي تضاف إلى الأدوية وإلى الروائح العطرية (كالكحول) مثلاً- بالقدر الذي يلزم لإصلاحها. قياساً على (الأنفخة) المصلحة (للجبن) قياس غير صحيح على ضوء المعارف (العلمية) ، ويكون استخدام هذه المائعات هو استخدام لنجاسات مغلظة ما لم تكن هناك ضرورة يبينها ويحددها علماء المادة من المسلمين المشهود لهم بالعلم والصلاح