المراد بعلاقة الإنسان بالله، على حسب بيان القرآن الكريم، أن تكون حياته ومماته وصلاته ونُسُكُهُ لله تعالى وحده {قُلْ إنّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي للِّه رَبِّ الْعَاَلمِين} وأن يعبده مخلصاً له الدين حنيفاً.
وقد شرح النبي صلى الله عليه وسلم في عدة من أقواله هذه العلاقة بين العبد وربه بحيث لم يترك غباراً على مفهومها، فإذا تتبعنا أقواله، عليه الصلاة والسلام، علمنا أن معنى العلاقة بالله:(خشية الله في السر والعلانية) و (أن تكون بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك) . و (أن تلتمس رضا الله بسخط الناس) خلافاً لأن تلتمس رضا الناس بسخط الله. ثم إن هذه العلاقة إذا توثقت حتى يكون حب الإنسان وعداوته ومنعه وعطاؤه كله لله وحده دون أن تشوبه شائبة من رغبته أو نفرته النفسانية، فمعنى ذلك أنه قد استكمل علاقته بالله (من أحب لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان) .
ثم عليكم أن تستحضروا في كل وقت من أوقاتكم دعاءكم الذي تدعون به كل ليلة في آخر ركعة من صلاتكم الوتر، أفلا تقولون:(اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثنى عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلى ونسجد. وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق) عليكم أن تتدبروا كلمات هذا الدعاء وتروا أي علاقة تقرون بإبرامها بينكم وبين الله في كل ليلة من لياليكم.
وقد انعكست صورة هذه العلاقة أيضاً في ذلك الدعاء الذي كان يدعو به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي بالليل. فكان عليه الصلاة والسلام يقول في هذا الدعاء مخاطباًَ ربه جل وعلا:"اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت واليك حاكمت ".