وإذا زرت كليات جامعة الأزهر ومعاهده وأروقته تجد هناك مظهراً عاماً لثقافات عديدة ولغات مختلفة وأجناس شتى، وتري فيها مظفراً عاماً أيضاً للعالم الإسلامي كله فإنه لمصداق بين للمبدأ الذي يتخذه الأزهر رمزاً لرسالته هو:
العلم رحم بين أهله
وما كانت غاية الأزهر في تاريخه الطويل إلا أن يكون دائرة في مجال تبليغ رسالة الإسلام وهذه الرسالة هي أجل ما تتطلع الإنسانية في كل مكان إلى بلوغه والانتفاع بثمراته.
وضع أساس الجامع الأزهر في ١٤ رمضان سنة ٣٥٩ هـ (٩٧١ م) تحت إشراف جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله الفاطمي، وتم بناؤه في سنتين. وفتح الجامع الأزهر للصلاة لأول مرة في رمضان سنة ٣٦١ هـ. فلم يلبث أن تحول الأزهر إلى جامعة تدرس فيها العلوم الدينية والعصرية، ويجتمع فيها طلاب العلوم من كافة الأقطار. وكان الخلفاء الفاطميون حريصين على الاهتمام بهذا المعهد الكبير وتزويده بكثير من الكتب وتخصيص موارد باهظة للإنفاق على طلابه والوافدين عليه، وبقي للأزهر منذ إنشائه مسجد الدولة الفاطمية الرسمي وكان الخليفة بنفسه يؤم الناس في صلاة الجمعة وعيدي الفطر والأضحى التي تقام فيه.
ومنذ عام ١٩٦١ دخل الأزهر في دور فعال وجبار في المجال العلمي والعملي، حيث جرى تطوير الأزهر تطويراً يتهيأ به لأبناء المسلمين جميعاً من العلم والمعرفة ويضيف إلى الخير التالد في رسالة الأزهر العلمية خيراً جديداً في رسالته العلمية، لكي يعالج شئون الدين والدنيا، ويخدم الإنسان بمعنييه جميعاً روحه وجسده لأن الإسلام له جانبان جانب روحي وجانب مادي، فالأول يخدم الناحية الروحية في الإنسان والثاني يخدم الجانب المادي فيه، من النواحي الاجتماعية والصحية والزراعية والهندسية والاقتصادية وغيرها.