ولقد قال الذين رأوا الملك عبد العزيز، عقب كل معركة ينصره الله فيها، أو عندما يأتيه خبر نصر، وتأييد له من الله في مكان ما، إنه كان يخرّ ساجدا لله، شاكراً له حسن تأييده، ورعايته له بما أولاه من نعمة الانتصار، وكثيرا ما كانت دموع الفضل والعرفان بما مَنّ الله عليه مِن كرمه، تنهمر من عينيه رحمه الله.
لا يصلح كل شخص لأن يقوم بمهمة فينجح في أدائها، ويوفيها حقها، إلا إذا كان خليقا بأن يتحمل متاعبها وآلامها، ثم إنه لا يستطيع أن يتحمل أعباءها إلا إذا كان عنده قدرة فائقة، يتفوق بها على أقرانه والمناوئين له.
لقد أعطى الله الإمام عبد العزيز آل سعود العقل الراجح والذهن الثاقب، وهيأه لدعوته سبحانه وتعالى، فعمل على نشر التوحيد وإقامة الحدود، ودعا إلى أخوة الإسلام وإلى الجهاد في سبيل الله، فاستطاع أن يوحد البلاد تحت راية الإسلام، وأن يجمع المسلمين على التضحية والفداء، حتى استقرت الأمور في هذه البلاد.
قال الملك فيصل رحمه الله:
"وما أحسب أن شبه الجزيرة العربية رأت من وحدها، ولمّ شتاتها إلا في الزمان الأول من تاريخنا الإسلامي، ومن أعاد إليها الأمن والنظام تحت راية الإسلام الخالدة، فنفذ شريعته الغراء، وأقام حدوده وقوانينه فيها، وكانت من قبل بقاعاً تسودها الفوضى، ويهددها الخوف في طرقاتها وأرجائها، وتتألف من مقاطعات، وإمارات شتى، في مساحات واسعة إلا الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله"[٤] .