إن كرمه وجوده كان مضرب المثل. فقد روى الذين أرخوا لسيرة جلالته: أنه كان جوادا سمحا لين العريكة سريع النجدة والنخوة، فقد كان يرى في المال أنه حطام الدنيا، والحطام فان والروح باق خالد.
ولقد نصحه أصدقاؤه بالكف عن البذل والسخاء والكرم، فقال له:
"ما أغنت قارون خزائنه".
والمال كالعلم يربو بالإنفاق، وأي إرباء خير من أن يمحو به عن المحتاجين آلامهم، ويأسو كلومهم [١١] .
وأما الشجاعة فهي صفة متأصلة في عبد العزيز منذ صغره، وهي فائقة فيه، فلم ير له نظير في إقدامه على المخاطر، وغزواته التي غزاها دليل قوي على شجاعته، فليس في نجد والأحساء على سعة مساحتها أرض لم يقاتل عليها.
وهذه الشجاعة البالغة لازمته منذ أن كان صبيا لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره، وقد أخذ الغضب منه مأخذه، وهو يرى الأعداء يحيطون بالرياض بلده الحبيب، وعاصمة ملك الآباء والأجداد، وقد أخذ الحماس منه مأخذه، ورأى رجلا من الأعداء، قد قُتِلَ فرسه، وراح يحمل على عاتقه كل ما خف حمله، طالبا النجاة، ولكن عبد العزيز الصبي الشجاع الغيور على وطنه، ومسقط رأسه، وثب على الرجل وضربه بسيفه ضربة أودت بحياته [١٢] .