أنه أحسن استعمال البندقية، وركوب الخيل كأحد الفرسان، وهو في سن الصبا، وأنه كان في السابعة حاد الطبع، دائم الحركة، لا يستطيع الاستقرار في مكان واحد فترة طويلة. ومواقفه البطولية كثيرة، ولا يخلو يوما من مواقف مشهورة نذكر منها موقفه في معركة (الحريق)[١٣] فقد هاجمها - رحمه الله - من بطن الوادي، وكان أهل الحريق متمنعين بأعلى الجبل، وعندما هاجمهم ومعه جيشه، أمطروهم بوابل من الرصاص من أعلى الجبل، ومن جوانبه، ففر جيش الملك عبد العزيز، وكان هو في المؤخرة يمشي على رجليه، ومعه سائسه يقود فرسه، وعندما قابله جيشه منهزما، أخذ يبث فيهم النخوة، ولكن القوم لم يلتفتوا إليه، فما كان منه إلا أن سلّ سيفه، وضرب عضد فرسه، وقطعه.
وقال:"... لا تقولوا ما رأينا عبد العزيز، فالذي يريد أهله فهم أمامه، والذي يريد طريقي، فأنا هاجم وحدي".
هجم عليهم وحده، مخالفا بذلك قومه، فتوقفوا وصاروا ينظرون إليه، فلما وجدوه سائراً وحده، رُدّت إليهم روحهم المعنوية، وهجموا معه، ولم يتوقفوا إلا في داخل البلد، وهم محتلوه [١٤] .
ورغم شجاعته الفريدة التي كان نسيج وحدها، وانتصاراته المتوالية، فإنه لم يركن إلى قوته، وإنما كان دائما يركن إلى إيمانه القوي، فهو يؤمن بالله، ويؤمن بأن له أجلا لا يتقدم ولا يتأخر، وكان حينما ينتهي من معركة بالنصر، يدخل خيمته ويسجد لله، ويطيل السجود شاكراً لله على تفضله عليه بالرعاية والتأييد.
كان رحمه الله لا يميل - رغم شجاعته - إلى سفك الدماء، وكان يتجنب بقدر الإمكان إشعال الحرب، ويدفع في سبيل تجنبها أي ثمن لدرجة أن المحيطين به كانوا يشكون - بعض الأحيان - في شجاعته.
لقد كان يميل إلى الأناة والروية، حتى قال له بعض قواده، وقد طال حصارهم لجدة، وهو يتعجل الهجوم: