الآية الثالثة قوله تعالى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} الآية (٦٥) من سورة آل عمران.
جاء في تفسير ابن كثير:(ج ١ ص ٣٧٢) : عن ابن عباس رضي الله عنه قال: اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهوديا، وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانيا، فأنزل الله تعالى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ} ... الآية. أي كيف تدعون أيها اليهود أنه كان يهوديا وقد كان زمنه قبل أن ينزل الله التوراة على موسى، وكيف تدعون أيها النصارى أنه كان نصرانيا وإنما حدثت النصرانية بعد زمنه بدهر، ولهذا قال:{أَفَلا تَعْقِلُونَ} . اه ما جاء في تفسير ابن كثير.
فهذا الاستفهام {أَفَلا تَعْقِلُونَ} استفهام إنكار وتوبيخ: ينكر الله سبحانه وتعالى على أولئك اليهود والنصارى ادعاء كل منهم أن إبراهيم عليه السلام كان على شريعته، والحال أن شريعتيهما متأخرتان عنه في الوجود، فكيف يكون إبراهيم على إحداهما مع تقدمه عليهما.
وهو أيضا استفهام توبيخ على ذلك الادعاء، لأنه ادعاء من لا يعقل، إذ أن العقل يمنع من ذلك لاستحالته، فما هو إلا غلط وخلط ومكابرة.
الآية الرابعة قوله تعالى:{وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} الآية (٣٢) من سورة الأنعام
{أَفَلا تَعْقِلُونَ} استفهام إنكار وتوبيخ: ينكر الله جل وعلا على المكذبين بالبعث القائلين {إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} ويوبخهم على انتفاء العقل عنهم وعدم التدبر والتفكير في حال الدنيا وحال الآخرة: