{الله يَعْلَمُهُمْ} : لأنه تعالى بكل شيء عليم، وفي إخباره تعالى بعلمه بهم ما يبعث المؤمنين على الجد في الإعداد والتحرز واليقظة، كما فيه ما يشير إلى كفاية الله تعالى عباده المؤمنين كيد أعدائهم متى عملوا بطاعته.
وَمَا تُنفِقوُا مِن شيء فِي سبِيل الله يُوَفَّ إلَيْكُمْ: هذه الجملة شرطية وجوابها: يوف إليكم أداة الشرط هي {مَا} وجملة الشرط {تُنفِقُوا} ، و {مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّه} متعلق بتنفقوا وجواب الشرط {يُوفَّ} ، وسبيل الله هنا هو الإعداد للجهاد، ويوف يؤده إليكم أجره وافيا غير منقوص.
{وَأنتمْ لاَ تُظْلَموَن} : هذه جملة حالية ومعناها أن أجوركم التي استوجبتموها بالإنفاق في سبيل الله سوف توفونها كاملة حال كونكم غير مظلومين لخوف عدوكم ورهبته منكم فلا يظلمكم باعتداءٍ عليكم. ولا منقوص الأجر والمثوبة ولا محرومين منهما لأن الله وعدكم ووعده تعالى حق وصدق.
معنى الآية الكريمة:
يأمر الله تعالى عباده المؤمنين الموجودين ساعة نزول هذه الآية ومن يأتي من بعدهم إلى أن يقاتلوا الكفار ويأمرهم بإعداد القوة أي بإحضارها وإرصادها لقتال عدوّ الله وعدوهم وإرهابه بذلك، والقوة المأمور بإعدادها تكون حسيّة كأنواع السلاح المختلفة، وآلات الحرب المتنوعة، وتكون معنوية كالإيمان القوي والثقة في نصر الله تعالى، ووحدة الصف وطاعة القيادة، مع طاعة الله تعالى وطَاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من الثبات عند اللقاء وذكر الله تعالى بالقلب واللسان.
كما يخبرهم تعالى بأن ذلك الإعداد للقوة من شأنه أن يرهب أعداءهم، وينزل الرعب في قلوبهم فلا يفكرون في غزوهم ولا قتالهم، وسواء في ذلك العدو الظاهر لهم المعروف عندهم، أو العدو الذي لا يعلمونه والله يعلمه كالمنافقين المتربصين أو المجوس الحاقدين، أو اليهود الحاسدين.