ولما كان إعداد القوة المطلوبة المبذول لها كلُّ ما في استطاعة الأمة وقدرتها يتوقف في الجملة على المال إذ به يتم صنع السلاح أو شراؤه، والمال لا مصدر له إلا جيوب المؤمنين وصناديقهم، وقد أنفقوا فعلا وجمعوا المال وأعدوا به القوة الواجبة الإعداد
أخبرهم تعالى بأنهم ما ينفقون من شيء في سبيل الله لإعداد القوة أو لغيرها من سائر طرق الخير وسبل البر مما يرفع من شأن أمة الإسلام ويكملها ويسعدها في الدنيا والآخرة يوفيهم أجره مضاعفاً، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والحال أنهم لا يظلمون بحرمانهم من أجر إنفاقهم، ولا ينقصه بل يوفونه كاملا مضاعفاً.
ما في الآية من أحكام:
اشتملت الآية على الأحكام الفقهية التالية:
١- وجوب إعداد القوة لقتال العدو أو إرهابه.
٢- وجوب إنفاق المال لذلك. لتوقف القوة على المال.
٣- وجوب تعلّم فنون الحرب المختلفة وتعليمها لأفراد الأمة.
٤- وجوب صنع السلاح وتطويره بحسب أحوال الأمم والشعوب.
٥- وجوب الوحدة وجمع الكلمة ونصب الإمام وطاعته.
إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولا يتم جهاد ولا إعداد له إلا بما ذكر.
وهذه الواجبات كفائية إذا وجدت في الأمة وقام بها بعضها سقط هذا الواجب عن باقي الأمة.
هداية الآية:
قد اشتملت هذه الآية الكريمة على أنواع من الهدايات منها:
١- أمة الإسلام: أمة واحدة تتكافأ دماؤها، ويسعى بذمتها أدناها، وهي يَدٌ واحدة على من سواها، دل على ذلك صيغة الجمع التي خاطبها الله تعالى بها في قوله: وأعدوا، ترهبون، وما تنفقوا، يوف إليكم، وأنتم لا تظلمون.
٢- السلام المسلح: إذ الأمر بإعداد القوة أمر بما يُرهب العدو ويخيفه وبذلك هو إما أن يسلم أو يستسلم بدفع الجزية، أو يعاهد، ولا حرب ولا قتال مع كل ذلك وإنما هو السلم والسلام.