للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أحق بهذا التأويل من قوم سلكوا محجة الصالحين واتبعوا آثار السلف الماضين ودفعوا أهل البدع والمخالفين بسنن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أجمعين من قوم آثروا قطع المفاوز والقفار على التنعم في الدمن والأوطان وتنعموا بالبؤس في الأسفار مع مساكنة العلم والإخبار وقنعوا عند جمع الأحاديث والآثار بوجود الكسر والأطمار قد تركوا الإلحاد الذي تتوق إليه النفوس الشهوانية وتوابع ذلك من البدع والأهواء والمقاييس والآراء والزيغ جعلوا المساجد بيوتهم وأساطينها تكاهم وبواريها فرشهم.

حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة ثنا محمد بن الحسين بن أبي الحسين ثنا عمر بن حفص بن غياث قال: سمعت أبي وقيل له: ألا تنظر إلى أصحاب الحديث وما هم فيه. قال: هم خير أهل الدنيا.

وحدثني أبو بكر محمد بن جعفر المزكي ثنا أبو بكر محمد بن إسحاق قال: سمعت علي ابن خشرم يقول: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: إني لأرجو أن يكون أصحاب الحديث خير الناس يقيم أحدهم ببابي وقد كتب عني فلو شاء أن يرجع ويقول: حدثني أبو بكر جميع حديثه فعل ولكنهم لا يكذبون.

قال أبو عبد الله: ولقد صدقا جميعا إن أصحاب الحديث خير الناس وكيف لا يكونون كذلك وقد نبذوا الدنيا بأسرها وراءهم وجعلوا غذاءهم الكتابة وسمرهم المعارضة واسترواحهم المذاكرة وخلوتهم المداد ونومهم السهاد واصطلاءهم الضياء وتوسدهم الحصى فالشدائد مع وجود الأسانيد العالية عندهم رخاء ووجود الرخاء مع فقد ما طلبوه عندهم بؤس فعقولهم بلذاذة السنة غامرة، قلوبهم بالرضاء في الأحوال عامرة تعلم السنن سرورهم ومجالس العلم حبورهم وأهل السنة قاطبة إخوانهم وأهل الإلحاد والبدع بأسرها أعداؤهم.

سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد الحنظلي ببغداد يقول سمعت أبا إسماعيل محمد ابن إسماعيل الترمذي يقول: