كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فقال له أحمد بن الحسن: يا أبا عبد الله ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث، فقال: أصحاب الحديث قوم سوء. فقام أبو عبد الله وهو ينفض ثوبه فقال: زنديق زنديق زنديق ودخل البيت.
سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول: سمعت جعفر بن سنان الو اسطي يقول: سمعت أحمد بن سنان القطان يقول: "ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث"وإذا ابتدع الرجل نزع حلاوة الحديث من قلبه. قال أبو عبد الله وعلى هذا عهدنا في أسفارنا وأوطاننا كل من ينسب إلى نوع من الإلحاد والبدع لا ينظر إلى الطائفة المنصورة إلا بعين الحقارة ويسميها الحشوية ... اه.
أقول هذه الكراهية والبغضاء والحقد الأرعن مازال أهل البدع والزيغ يتوارثونه جيلا بعد جيل إلى يومنا هذا فأشد أعدائهم هم أهل الحديث والسنة والتوحيد والحديث، بقال الله قال رسول الله خصوصا فيما يتعلق بتوحيد الله ورد البدع أشد عليهم من وقع السهام وقرع السيوف وصوت القنابل والمدافع.
شهادة الخطيب البغدادي:
وألف الإمام الكبير أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي المتوفى سنة ٤٦٣ كتابا أسماه (شرف أصحاب الحديث) :
قال في مقدمته: بعد أن ذكر أقوال العلماء في ذم الرأي من (ص: ٣-٥) فلو أن صاحب الرأي المذموم شغل نفسه بما ينفعه من العلوم وطلب سنن رسول رب العالمين واقتفى آثار الفقهاء المحدثين لوجد في ذلك ما يغنيه عما سواه واكتفى بالأثر عن رأيه الذي رآه لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد وبيان ما جاء من الوعد والوعيد وصفات رب العالمين تعالى عن مقالات الملحدين والإخبار عن صفة الجنة والنار، من صنوف العجائب وعظيم الآيات وذكر الملائكة المقربين ونعت الصافين والمسبحين.