للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحركة الإرادية لابد لها من هدف ومقصد تسكن المتحرك إذا وصل إليه، فلابد للحركة الفكرية من هدف ومقصد تنتهي إليه ويسكن الذهن إذا وصل إليه، فإرادة مقصد وهدف هي التي نسميها ب (الوجهة الفكرية) . وينقسم الفكر إلى قسمين باعتبار المقصد والهدف:

الأول: ما أريد به حصول معلوم جديد فحسب.

الثاني: ما قصد به الانتفاع والاستفادة بمعلوم جديد كما قصد به حصوله.

فالوجهة الفكرية على نوعين: أي الوجهة إلى العلم للعلم، والوجهة إلى العلم والانتفاع به، مثال الأول: الوجهة الفكرية لعالم الفلكيات المولع بها في كثير من تفكراته في مسائلها فإنه يجتهد ويتفكر ليعلم أن الكواكب كذا مثلا ما شأنه؟ ما هي أحواله الطبيعية؟ هل فيها جبال ووهاد؟ وما هو بعده من الشمس؟ إلى غير ذلك من العلوم التي لا تفيد العالم بها شيئاً إلا أنها تعد فوائد في أنفسها لأنها جديدة لم تكن حاصلة له قبل التفكر، وتتنوع باختلاف العلوم المقصودة، فإن وجهة فكر الرياضي مثلاً مغايرة لوجهة فكر الطبعي.

ومثال الثاني: تفكر الفلكي في نفس تلك الكواكب وفي أحوالها الطبيعية وخواصها لينتفع بهذا العلم كتفكره مثلاً في حركات الشمس والقمر ليعلم عدد السنين والشهور والحساب، ويعرف زمان المد والجزر في البحار، وكذلك تفكر الطبيب في عالم النبات لاستخدامها لإصلاح البدن وإزالة الأمراض، فإن وجهة فكره هي العلم مع الانتفاع به. وتتنوع باختلاف المنفعة المقصودة فإن وجهة فكر الفلكي هي الانتفاع بمعرفة حركة الشمس مثلا في عدد السنين والحساب، وأما الطبيب فغاية علمه بالنبات مثلا هي نفعها للجسم الإنساني من خشية دفع المرض أو تقويته، فوجهة فكره مغايرة لوجهة فكر الفلكي.

منهاج التفكر: