أولا: إن استدلالهم بالآية لا يستقيم لهم في موضوع النزاع، لأنها تدل على أن شاهدين يقومان مقام شاهدين آخرين ظهر كذبهما بعد الحلف، وليس ذلك موضوع الخلاف.
ثم إن الشافعية والمالكية وهم من أنصار هذا المذهب يقولون بنسخ هذه الآية بالآيات التي تمنع ولاية الكافر على المسلم، والشهادة فيها ولاية على المشهود عليه، ولذا فقد أبطلوا شهادة الكافر على المسلم. فكونهم لم يعملوا بالآية في موضوعها فمن باب أولى ألا يستدلوا بها هنا.
ثانيا: إن حديث ابن عمر الذي استندوا عليه مطعون في إسناده فلا يصح الاعتماد عليه. (انظر الهامش) .
هل تكفي اليمين لقطع النزاع؟
لاشك أن المدعى عليه إذا أقر بالدعوى إقراراً صحيحاً، أو ثبتت عليه الدعوى بشهود المدعي، وحكم القاضي بناء على ذلك انقطع النزاع بينهما لاتصال الحكم بالدليل الذي يؤدي إلى الحق غالبا، ولكن هل يعتبر الحال كذلك عند اتصال الحكم باليمين؟ أي هل تنقضي الدعوى إذا حلف المنكر عند عجز المدعي من تقديم بينته؟ وبمعنى آخر هل يجوز للمدعي أن يقدم بينة بعد احلاف المدعى عليه اليمين؟.
جمهور الفقهاء يرون سماع بينة المدعي بعد حلف المدعى عليه اليمين، ويعتبرون إنهاء الدعوى باليمين إنما هو إنهاء مؤقت يمكن أن تعاد مرة أخرى إذا قدم المدعي البينة التي كان قد عجز عن تقديمها قبل اليمين، ويقولون إن البينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة، ولأن البينة مثبتة واليمين نافية، والإثبات أولى من النفي، ولأن اليمين تكون مع عدم البينة، فإذا وجدت البينة سقط حكم اليمين، ولأن سقوط الدعوى باليمين ليس موجبا لسقوط الحق، فالحقوق لا تسقط إلا بقبض أو إبراء، وليست اليمين قبضاً ولا إبراء [٧] .
ويرى بعض الفقهاء أن اليمين طريق من طرق الإثبات، فإذا حلف المدعى عليه سقط حق المدعي في الدعوى وترتب على ذلك اليمين قطع النزاع [٨] .