وهذا أمر واقعي ومؤكد، وهو في مصلحة هؤلاء الصهاينة، لأنهم يهدفون من ورائه توسيع دائرة نفوذهم في هذه المنظمات، والوصول من وراء هذا النفوذ إلى تحقيق أغراضهم عن طريقه.
وإذا أردنا تقليص نفوذ هؤلاء الصهاينة من هذه المنظمات، فهل من الممكن أن يكون مردود هذا التقليص في مصلحة أبنائنا، أو أنه بإمكان أبنائنا إشغال مناصبهم؟
إن الواقع يجعلنا نستبعد هذه الفرضية، إذ أن إمكانات أبنائنا العلمية لا تؤهلهم لأن يملؤوا فراغ هؤلاء، ولابد لإِشغال هذه المناصب من عناصر علمية أخرى، لذلك فسيتقدم إليها من تتحقق فيه الشروط المطلوبة من أية أمة من الأمم الأخرى.
وبعض أبناء الأمم الأخرى قد لا يقل عداؤهم لأمتنا عن عداء الصهاينة، وقد تكون الصهيونية ذات نفوذ عليهم أيضاً، لأن عناصر التفوق اليهودي في عالم المادة بارزة في كل نشاطات الأمم، لذلك فإن المشكلة تبقى دون حل.
وإن أقرب طريقة لكي تفرض نفسك على الغير وتفرض عليهم احترامك هو أن تكون كفؤا لهذه المناصب وأجدر بها من غيرك, وأن يكون عندك من التفوق ما يساعدك على التقدم عن غيرك, وإزاحة كل من يحرص على منافستك على هذه المكانة.
وهذا أمر لا يتحقق إن لم يكن في أمتنا علماء كثيرون جداً، وأن يبرز فيهم نبغاء متفوقون تعترف لهم الأمم الأخرى بهذا التفوق، وترى أنها بحاجة لأمثالهم حتى نتمكن من إشغال هذه المناصب الحساسة الخطيرة.
وهل يتحقق لنا ذلك، إن كانت غاية شبابنا من الدراسة أن ينجحوا - جراً - أو أن يحصلوا على الشهادة المطلوبة في أدنى الدرجات، وأن تنتهي دراستنا عند انتهاء تقديم الفحص إلى هذه الشهادة، وأن نتوقف عن كل نشاط علمي بعد نيل هذه الشهادة وأن لا يدفع بنا علو الهمة إلى متابعة الدراسات العلمية والإسهام فيها بكل ما هو جديد ونافع؟!