من قوانين المجتمعات الإنسانية التي لا تتخلف أن "الاتحاد قوة والتفرق ضعف "فإذا اتحدت الأمة عز جانبها، وقوي سلطانها، واحترمها العدو والصديق، أما إذا تفرقت وتوزعت طمع فيها من لا يدفع عن نفسه.. ولذلك بين الله عز وجل للأمة الإسلامية أن عقبى الخلاف والنزاع قاتلة وذلك في قوله تعالى:{وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} فالنزاع والخلاف واتباع الأهواء لن يورث إلا المذلة والفشل، وقد جنت الأمة من وراء ذلك المر والحنظل، كما ينبه الله في آية أخرى أن افتراق الأمة وتمزقها شيعا متناحرة إنما هو كارثة اجتماعية مدمرة لا تقل في خطورتها عن خطورة الكوارث الكونية الأخرى التي تبدل الأرض غير الأرض، وذلك في قوله تعالى {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْض} فالآية كما ترى تقرن الوعيد بافتراق الأمة شيعاً وأحزاباً بالكوارث الكونية المدمرة كالحرق والغرق.
وهذا يدل على أن تمزق الأمة من الداخل بلاء خطير يقضي عليها ولا تجد من يرثى لها ولقد ساق المفسرون عند شرح هذه الأحاديث عدة أحاديث منها ما رواه الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة عامة وألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيت لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة، وألا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من أقطارها- أو قال من بين أقطارها- حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضا"[٢٨] .