و حرصه صلى الله عليه وسلم على المؤاخاة بين المسلمين، منذ السنوات الأولى للدعوة الإسلامية، فقد ذكر أصحاب السير، أنه صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، آخى بين أبي بكر وعمر، وبين الحمزة وزيد بن حارثة، وبين الزبير وابن مسعود، وبين عبيدة بن الحارث وبلال، وبين أبي عبيدة وسالم - مولى أبي حذيفة-، وبين سعيد بن زيد وطلحة بن عبيد الله، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف ... وهذه المؤاخاة في الدين والعقيدة، تعتبر أول تنظيم للجماعة الإسلامية الأولى، يقوم على الترابط، والتكافل، والتكاتف ...
ز- فلما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وسَّع دائرة هذا التضامن والإخاء، فجعله بين المهاجرين والأنصار.
قال ابن إسحاق- رحمه الله-: وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال- فيما بلغنا عنه ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل-: "تآخَوا في الله أخوين أخوين"، ثم أخذ بيد عليّ بن أبى طالب فقال:"هذا أخي"، وكان جعفر بن أبي طالب ومعاذ ببن جبل أخوين، وأبو بكر الصديق وخارجة بن زهير أخوين، وعمر بن الخطاب وعِتْبان بن مالك أخوين، وأبو عبيدة وسعد بن معاذ أخوين، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع أخوين، وعثمان بن عفان وأوس ابن ثابت أخوين، وطلحة بن عبيد الله، وكعب بن مالك أخوين، ومصعب بن عمير وأبو أيوب خالد بن زيد أخوين، وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أخوين ...
وبلال بن رباح وأبو رُوَيْحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي أخوين ...
فلما دون عمر بن الخطاب الدواوين بالشام، وكان بلال قد خرج إلى الشام، فأقام بها مجاهدا، فقال عمر لبلال:"إلى من تجعل ديوانك يا بلال؟ قال: مع أبي رويحة، لا أفارقه أبدا، للأخوة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقدها بينه وبيني، فَضُمّ إليه"[١٧] .
حـ - وقد استمر صلى الله عليه وسلم يؤكد هذا الإخاء بين المسلمين- بقوله وعمله- إلى أن لقي ربه.