وبدأت تظهر بعض الجزر المستديرة التي تشبه قصعات الطعام الموضوعة على طاولة مكسوة بالجوخ الأخضر، وصغارها تبدو كعيون البقر، والمحيط الهادي يحتضنها من جميع جوانبها ولم يغمرها يا الله ما الذي يمنعه عنها غير خالقها وخالقه.
وظهرت جزر مكسوة بالغابات: جبالها وسهولها، وهي تفاخر البحر المحيط بها بملابسها الموشاة بالزهور المختلفة، وكأنها تقول له: إذا كنت تجود للناس بأسماكك ولآلئك بعد أن يقتحموا الصعاب ويتجشموا الأخطار ومنهم من لا ينجو من قسوتك وعنفوانك على الرغم من اتعاب أنفسهم في اتخاذ وسائل الوصول إليك، فإني أمد يدي بالخير لكل الناس قويهم وضعيفهم بثمر النارجيل، والموز والبرتقال والباباي والتفاح والأناناس بدون مشقة ولا خطر. ثم جاء قوس قزح ليشارك بألوانه الجميلة فأضاف إلى الجمال ... جمالا ...
الحمد لله:
وفي هذا الجو الممتع المريح الذي يربط المخلوق بالخالق ذكرنا المضيفون بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ". فقد كنا فعلا - ولكن القليل منا- نتمتع بالفطرة ونشعر بالغبطة والسرور، ولكن المضيفين بدأوا يغلقون النوافذ من أجل عرض فيلم الرحلة (وأفلام الرحلات كلها ثقيلة علينا) الثقيل ولعل القارئ يدرك من عاطفتي مع الكون ورغبتي في صحبته باستمرار أن غلق النافذة بالنسبة لي يعتبر سجنا.
وأخذت أقرأ بعض الجرائد السعودية التي حصلت عليها من مكتب الأخ الشيخ عبد العزيز العمار في جاكرتا، وكان الفيلم قذرا في ميزان ذوي العقول ولاسيما عند المسلم، ولذلك قال الشيخ عبد القوي: يعملون هذا وهم في الجو ما يخافون من ربهم، قلت: إن الله يمهلهم ولا يهملهم وهو من ورائهم محيط.