جاء في البحر المحيط لأبي حيان في تفسيره لهذه الآية:{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ} جاء فيه: "والظاهر أن (ألا) للعرض المضمن الحض على التقوى، وقول من قال إنها للتنبيه لا يصح، وكذلك قول الزمخشري: إنها للنفي دخلت عليها همزة الإنكار"إهـ.
وجاء في الفتوحات الإلهية المعروفة بحاشية الجمل على الجلالين عند تفسير هذه الآية:"وفي السمين أن (ألا) للعرض، وقال الزمخشري: إنها لا النافية دخلت عليها همزة الإنكار، وقيل هي للتنبيه "إهـ.
وعبارة الزمخشري في تفسيره لهذه الصيغة في هذه الآية:"ويحتمل أن يكون (لا يتقون) حالا من الضمير في الظالمين أي يظلمون غير متقين الله وعقابه، فأدخلت همزة الإنكار على الحال، وأما من قرأ (ألا تتقون) على الخطاب فعلى طريقة الالتفات إليهم وجبههم وضرب وجوههم بالإنكار والغضب عليهم "إهـ.
وتفيد عبارة الزمخشري هذه أن الهمزة هنا تفيد الإنكار على كلتا القراءتين: القراءة بياء الغيبة والقراءة بتاء الخطاب.
والرأي - فيما يبدو لي- مع الزمخشري، لأن هذه الصيغة جاءت اثنتي عشرة مرة، خمس منها بالفاء، وهذه لا نزاع في أن الهمزة فيها للاستفهام و (لا) نافية، وفاء العطف الفاصلة بين الهمزة ولا النافية هي التي تقضي بذلك.
وسبع منها بدون فاء، وهذه تحتمل أن تكون (ألا) فيها مكونة من همزة الاستفهام ولا النافية وتحتمل أن تكون (ألا) كلمة واحدة تفيد العرض.
ولما كان القائل لهذه الصيغة في آياتها جميعاً واحداً وهم الرسل، وكان المخاطب بها واحداً وهم الكفار، وكانت الحال البلاغية التي تقتضي أسلوبا معينا من القول واحدة وهي كفر المخاطبين وتكذيبهم الرسل وإنكارهم البعث، لما كان الأمر كذلك كان الصواب أن تحمل هذه الصيغة في آياتها جميعا على معنى واحد هو الاستفهام الذي يفيد التوبيخ والتقريع والإنكار.