تتضمن هذه الآية الكريمة أن ربكم أيها الناس هو الله المعبود بحق، وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش مدبرا أمر ملكه على أكمل وجه، لا يشاركه أحد في التدبير، ولا يصيب تدبيره خلل واضطراب، ولا يشفع عنده يوم القيامة إلا من يأذن له. ذلكم أيها الناس هو الله الذي خلق هذا الخلق العظيم ودبّر أمور هذا العالم أكمل التدبير، ذلكم هو ربكم الحق الذي ينبغي أن تخلصوا له العبادة وأن تفردوه بالربوبية وأن تتقربوا إليه بالطاعات، وليس هناك من شيء يستحق أن يُعبد من دون الله ولا أن يُتخذ شريكا له.
وفي ختام هذه الآية قال تعالى:{أَفَلا تَذَكَّرُونَ} . وهو استفهام إنكار وتوبيخ:
ينكر الله سبحانه وتعالى على المشركين ويوبخهم أن لا يفكروا في خلقه العظيم خلق السماوات والأرض، وفي تدبيره المحكم لأمور خلقه فيدركوا ما هم فيه من خطأ فاحش وضلال بعيد وإشراك بالله بغير حق، ومن عبادة من لا يضر ولا ينفع ولا يقدر على شيء، فيدركوا ذلك وينيبوا إلى الله جلت قدرته وعظم تدبيره ويوحدوه ويفردوه بالعبادة.
الآية الثالثة قوله تعالى:{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ} . الآية (٢٤) من سورة هود.
تتضمن هذه الآية الكريمة شبه الكافر والمؤمن:
فالكافر الذي عمي قلبه فلم ير الحق والهدى والإيمان، وصمّت أذنه عن سماع الفهم والتدبر لآيات القرآن، يشبه الإنسان الأعمى الأصم الذي لا يبصر بعينه الطريق الذي يوصله إلى غايته، ولا يسمع بأذنه كلاما ينتفع به في حياته، ووجه الشبه إخفاق كل منهما في الوصول إلى ما فيه النفع والخير والفلاح.