للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتضمن هذه الآية الكريمة أن من اتخذ معبوده ما تهواه نفسه، وأضله الله على علم منه بأنه لا يهتدي ولو جاءته كل آية، وختم على سمعه فلا يسمع آيات الله ويتدبرها ويدرك ما فيها من نور وهداية، وختم على قلبه فلا يفقه به حقا، وجعل على بصره غشاوة فلا يبصر آيات الله المنبثة في جنبات الأرض وآفاق السماء الدالة على قدرته ووحدانيته فيعلم أنه لا إله إلا هو، إن من كان على هذه الصفة لن يستطيع أن يهديه أحد من بعد الله تعالى.

وفي ختام هذه الآية جاء قوله تعالى: {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} وهو استفهام توبيخ وإنكار:

يوبخ الله سبحانه وتعالى أولئك المشركين وينكر عليهم أن لا يتدبروا أن معبوداتهم من دون الله لا تنفعهم إن أراد الله بهم ضرا، وأنها لا تغني عنهم من الله شيئا، وأنه وحده الهادي إلى الصراط المستقيم، وأنهم لن يجدوا لأنفسهم من دونه وليّاً مرشدا.

أختي العزيزة (هل) :

في ختام هذه الرسالة أحب أن أنبهك على أن هذه الصيغة قرئت في بعض آياتها بتاءين (أفلا تتذكرون) وفي معظم آياتها بتاء واحدة (أفلا تذكرون) ، وما جاء بتاءين فعلى الأصل، والتاء الأولى هي تاء المضارعة، والتاء الثانية هي تاء تفعّل الزائدة في الفعل الماضي، وحين يجتمع تاءان في أول مضارع تفعّل يجوز أن لا تخففيهما فتبقيان على حالهما، ويجوز أن تخففيهما فتحذفي إحدى التاءين، وقد اختلفوا أيهما المحذوفة. فرأى سيبويه: أن المحذوفة هي الثانية لأن الثقل منها نشأ، ولأن حروف المضارعة زيدت على تاء تفعل لتكون علامة دالة على معنى المضارعة فهي أولى بالبقاء. وقال الكوفيون: المحذوفة هي الأولى، وجوز بعضهم الأمرين.

ومهما يكن من أمر فقراءة التاءين جاءت على الأصل، وقراء التاء الواحدة جاءت على التخفيف.

أختي العزيزة:

أستودعك الله تعالى، وأسأله جل وعلا أن يعين على رسالة قادمة يكون فيها الخير والرشاد.