للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتظهر أثر هذه التربية الإيمانية للجماعة المسلمة في وحدتها وتآلفها، في وقوفها في وجه المحن والشدائد صفاً واحداً، ومن أبرز الأمثلة على ذلك في تاريخ الإسلام خروج المسلمين، في اليوم التالي لغزوة أحد، للثأر من عدوهم، ومسح آثار مصيبتهم، وهذا ما عبر عنه القرآن بقوله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} (آل عمران:١٧٢) .

لقد حرص الإسلام على دعم أهدافه بسلطة الرأي العام، وإيجاد روح التعاون بين أبناء الأمة الإسلامية، والتقارب بين فئات الشعب، لتتوحد اتجاهاتها، وتسيطر على مبدأ أساسي في حياة الأمة، وهو الاتفاق على الأهداف، وهذا الاتفاق يؤدي حتما إلى نجاح الأمة في بلوغ غايتها وتحقيق أمانيها.

إن الأذان الذي يتردد كل يوم خمس مرات، عالياً مدوياً معبراً عن أهداف الإسلام الكبيرة، وإن الصلوات التي تقام كل يوم خمس مرات جامعة للأمة موحدة لرأيهَا، وإن الجُمَع، والجماعات، وفريضة الحج التي من شأنها أن يظهر وحدة الأمة على أهدافها، وإن القرآن الذي يتلى في كل صلاة جامعا للأمة على أهدافه وغاياته، إن هذا كله جدير بأن يحقّق في المجتمع الإسلامي وحدة الأهداف ووحدة الرأي العام على هذه الأهداف، ويرفع معنويات الأمة لأداء دورها الكبير ورسالتها العظيمة في الحياة، ولنتأمل في روحِ العزة التي يصنعها الإسلام بالإيمان والعمل الصالح {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} .

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه} .