ومن هنا كانت المسائل الفقهية الخاضعة لرأي الجماعة مقيدة بأمرين:
أ- ألا يكون قد نزل فيها نص صريح.
٢- أن يرجع أهل الحل والعقد في بيان الرأي فيها إلى أصول الشريعة ومقاصدها العامة.
(ب) أن القانون أو الحكم حين تصدره الدولة نابعاً من عقيدة الأمة ودستورها، تجد اقتناع الرأي العام به قوياً صادقاً، وتنفيذه سهلاً ميسوراً، بينما نجد حرمان القوانين الوضعية من هذه الميزة. وخير مثال يوضح هذه الفكرة المقارنة بين تحريم الخمر في الإسلام الذي تهيأ الرأي العام لقبوله وبين تحريمه في أمريكا ... فنجح في المجتمع الإسلامي ولم ينجح هناك.
٤- رفع الروح المعنوية للأمة وتقوية أواصرها وتعاونها:
من أهم وظائف الرأي العام في المجتمع الإسلامي رفع الروح المعنوية عند الجماهير التي تكونه، لأن وحدة الجماعة المسلمة على رأي واحد من شأنه أن يبرز قوة هذه الجماعة وتعاونها، ويعطيها الزاد والقوة على تحقيق أهدافها مهما بلغت التكاليف.
لقد وضع القرآن الكريم القاعدة المباركة لوحدة الجماعة المسلمة على الهدف الكريم بقوله:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . (المائدة: ٢) . وبقوله:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} . (الصف: ٢) . وبقوله صلى الله عليه وسلم:"ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر"[٢٦] .