قيل له: نعم؛ إذ عدم الردة عن الإسلام هي الموت عن الإسلام، ومن شبّ على شيء شاب عليه، ومن لازم شيئا في حياته وآثره على غيره مات علَيه، يضاف إلى هذا أن التكليف بملازمة الإسلام وعدم الارتداد عنه ليس تكليفا بما لا يطاق، لاسيما وأن الإسلام دين الفطرة فلا يوجد في النفس البشرية من نوازع تدافع الإسلام وتأباه، والردة المحذر منها قد تأتي من خارج النفس لا من داخلها، تأتى من طريق الاستجابة للشيطان وإخوان الشيطان:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} .
هذه هداية وثالثة:
والاعتصام بكتاب الله تعالى يكون باعتقاد الحق الذي جاء به من التوحيد والنبوة، والبعث والجزاء، وتحليل حلاله وتحريم حرامه من المقول والمفعول: كالصدق وقول الحق والمعروف، والمطاعم والمشارب والمناكح والمكاسب، كما يكون بإقامة حدوده والتزام آدابه ومحاسن أخلاقه بعد دراسته وفهمه وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار.
والاعتصام بدينه يكون بإقامة فرائضه والمحافظة على سنته، وتطبيق شرائعه والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه بعد معرفة أحكامه وحفظ قواعده، كما يكون بالدعوة إليه، والموالاة فيه، والمعاداة عليه.
والاعتصام بجماعة عباده الصالحين يكون بموالاتهم، وتحريم معاداتهم، وبحبِّهم، والحب لهم وصدقهم وتصديقهم، والصلاة معهم وعليهم، والجهاد مع إمامهم وحرمة الخروج عليه وعليهم ما أقيمت الصلاة فيهم.