إن هداية هذه الآية تقول: إن الفرقة والاختلاف محرمان ممقوتان، وكونهما بعد الاجتماع والائتلاف اشدّ حرمة وأكبر مقتاً، إن من هداية هذه الآية تحريم الفرقة والاختلاف في الكتاب والدين والجماعة، أما الاختلاف في الكتاب فإنه لا يكون في ألفاظه وكلماته؛ إذ قد تولى الله منزّله سبحانه وتعالى حفظه من الزيادة والنقصان، والتبديل والتغيير، حيث جمع أمة الإسلام عليه منذ نزوله فلم تختلف فيه ولن تختلف بإذن الله تعالى فيه. وإنما الاختلاف في الكتاب يكون في معانيه وما يدل عليه، والعصمة من ذلك في الأخذ بالسنة والتمسك بها؛ إذ هي الشارحة لألفاظه ومعانيه، والمبيّنة لمجمله، والمخصّصة لعمومه، والمقيدة لمطلقه. وذلك بأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحكامه وأقضيته، وسياساته، وفي سيرة أصحابه من بعده حصن حصين، وسياج منيع من الفرقة والاختلاف في كتاب الله أيضا. ولهذا فالأمة المرحومة وهى أهل السنة والجماعة لم تختلف في كتاب الله، وإنما اختلف فيه من رد سنة رسول الله التي وردت من غير طريق من فتن بهم، وكفر أصحاب رسول الله، وغض من شرفهم وأهدر كرامتهم، ولعنهم وأبغضهم. والعياذ بالله تعالى من ضلال الطوائف والفرق المنتسبة إلى الإسلام باطلا وزوراً. وكذباً وميناً.
وأما الاختلاف في الدين فإنه ذو خطورة كبيرة على أمة الإسلام، ولذا كان من هداية هذه الآية التصريح بتحريمه والتحْذير من آثاره المدمرة، وفي الكتاب الكريم الأمر بإقامة الدين وعدم التفرق فيه، والتوصية بذلك قال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} .
ولكي تُتجنب الفرقة في الدين يلزم اتباعُ ما يأتي:
(١) اعتقاد أن الدين هو ما شرع الله ورسوله، ورفض كل تشريع يخالفهما، أولا ينبع منهما.