ومن واجب الدولة الإسلامية أن تحقق التضامن، وأن تسعى إلى تثبيت أصوله وحمايته من التصدع، ولا ينبغي أن يسعى إقليم أو قومية أو دولة لتحقيق مصالحها على حساب الوحدة الإسلامية، إذ أن هذه الآفة هي التي حركت مطامع الدول الأجنبية في المسلمين وشجعتها على الانفراد بكل قطر على حدة.
ولقد دبر أعداء المسلمين شتى الخطط التآمرية على الأقطار الإسلامية ولجأوا إلى مختلف الطرق والأساليب من أجل إضعاف التضامن، ووضع العقبات والعوائق للحيلولة دون اتصال المسلمين ببعضهم لتحقيق تضامنهم. وقد كان الإعلام من أهم الأسلحة المستخدمة لبث روح الفرقة والانقسام بين المسلمين، إذ أن أعداء الإسلام يعلمون تماماً أنهم ما كانوا ليحققوا ما حققوه لو أن الصف الإسلامي كان موحداً ومتماسكاً وقوياً.
الإِعلام الطباعي
لقد كانت المطبعة هي السلاح الأولى الذي جلبه الصليبيون والمبشرون إلى العالم العربي لشن حملاتهم التبشيرية عن طريق الكتاب والصحيفة، ففي أحد الأديرة المارونية في لبنان وفي دير قزحيا طبع كتاب المزامير سنة ١٦١٠ بالحرف السرياني، ثم أنشأ الشماس عبد الله زاخر أول مطبعة عربية سنة ١٧٣١ بقرية الشوير اللبنانية، وتخصصت هذه المطبعة في نشر كتب التبشير المسيحي.
وفي سنة ١٨٣٤ أنشأ المبشرون الأمريكيون من أمثال كورنيليوس فان دايك، ووليم ورتبات وغيرهما مطبعة في بيروت لطبع الإنجيل، وتزويد الجمعيات التبشيرية بالكتب الدينية، ومن المعروف أن هذه الجمعيات كانت تضم الكثير من القسس والأطباء والعلماء الذين نذروا أنفسهم للتبشير بين المسلمين في العالم العربي.