للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنشأ المبشرون مدارس دينية ومدرسة عليا هي الكلية السورية الإنجيلية التي تحولت إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، ومن الغريب أن هذه المعاهد قد اتخذت من بيروت والقاهرة ولا هو وأنقرة، وهى من أركان العالم الإسلامي، مراكز للتبشير في جميع أجزاء العالم الإسلامي، وبث الفرقة بين أقطاره المختلفة، وكان الإعلام الطباعي يغذي هذه الحركات التبشيرية بالكتب والصحف والمجلات والأطالس.

وخاف اليسوعيون الكاثوليك أن يتفوق الأمريكيون البروتستانت عليهم في مضمار الإعلام التبشيري المسيحي والدعوة الصليبية بفضل مطبعتهم، فقرروا في سنة ١٨٤٨ إنشاء مطبعة يواجهون بها منافسيهم، فاستوردوا من فرنسا مطبعة كبيرة طبعوا عليها الكتب الدينية والأدبية والعلمية، وفي الربع الأخير من القرن الماضي أصبحت طابعات هذه المطبعة الكاثوليكية تدار بالبخار لأول مرة في لبنان.

لقد كانت خطة الأمريكين البروتسانت والفرنسيين الكاثوليك هي تعليم اللبنانيين والسوريين طرق التبشير وفنون الكتابة وأساليب الإعلام وأصول التحرير الصحفي، وتقنيات الطباعة لكي يصيروا دعاة لهم في جميع أنحاء العالم العربي، ثم في جميع أركان العالم الإسلامي، لبث الفرقة والانقسام بين أبنائه، والحيلولة دون تضامن العالم الإسلامي بأي شكل من الأشكال.

وبالفعل نجد أن ناصيف اليازجي وبطرس البستاني في لبنان وبلاد الشام، ثم يعقوب صروف الذي أنشأ مجلة المقتطف، وشاهين مكاريوس وفارس نمر اللذان اشتركا في تأسيس المقطم مع خليل ثابت، بالإضافة إلى شبلى شميل وأنطون فرح، ثم سلامة موسى ولويس عوض، وهم جميعا من أنصار الاتجاهات المادية والاشتراكية، فضلا عن التروج للمذهب الدارويني في النشوء والتطور، والهجوم على كل ما يتصل بالإسلام.